التقرير الختامي لمنتدى إيناس الدولي الرابع للمؤسسات العلمية والمراكز البحثية 4-5 -2025

التقرير الختامي لمنتدى إيناس الدولي الرابع للمؤسسات العلمية والمراكز البحثية 4-5 -2025

اختتام أعمال منتدى إيناس الدولي الرابع للمؤسسات العلمية والمراكز البحثية.

اختُتِمَت أعمال منتدى إيناس الدولي الرابع للمؤسسات العلمية والمراكز البحثية الموسوم: “الإنتاج المعرفي في زمن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي”، الذي نظمته الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية (إيناس)، برعاية وزيرة التربية والتعليم العالي في لبنان الدكتورة ريما كرامي، وباستضافة المعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، وبالتعاون مع منتدى الفكر العربي في عمّان، ومنظمة المرأة العربية- مصر وتجمع الباحثات اللبنانيات، وشبكة دراسات المرأة صون يومي 4-5 ديسمبر/كانون الأول 2025. في مقر الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت.

أتى المنتدى هذا العام امتدادًا لمسار سنوي تتبناه شبكة إيناس بوصفه محطة عربية للحوار العلمي وتبادل الخبرات، في إطار رؤيتها الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز التداول المعرفي والحوار والتفكير المشترك حول الأدوار المتغيّرة للمؤسسات العلمية والأكاديمية والمراكز البحثية، في ضوء التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، ضمن أفق تعددي وعابر للتخصصات والجغرافيا.

جمع المنتدى 25 مؤسسة علمية وبحثية من أعضاء الشبكة وشركائها، وشارك في جلساته 28 باحثًا وباحثة من المؤسسات العلمية والمراكز البحثية المنضوية في الشبكة وشركائها، من بلدان عربية متعددة تشمل لبنان، فلسطين، الأردن، العراق، مصر، تونس، الجزائر، المغرب، السودان وإيطاليا، قدّموا أوراقًا بحثية أساسية، فيما ساهم آخرون في تعقيبات النقاش العام على مدى يومين، ما أضفى على الحوار ثراءً وتنوعًا في المقاربات والأفكار.

استُهِلّت أعمال المنتدى بالجلسة الافتتاحية الرسمية التي قدمتها الأمينة العامة لتجمّع الباحثات اللبنانيات الدكتورة هلا عواضة، تلتها كلمة المديرة التنفيذية المعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الأميركية الأستاذة ميريام صفير، ثم كلمة رئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية الدكتورة ماريز يونس. واختُتمت الجلسة بكلمة وزيرة التربية والتعليم العالي في لبنان الدكتورة ريما كرامي ممثّلة بالدكتور عدنان الأمين، والتي أكد فيها على الدور المحوري الذي تؤديه الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية في تعزيز التداول المعرفي بين المؤسسات العلمية والمراكز البحثية العربية، وعلى أهمية مواكبة الأثر الذي يحققه هذا التداول المؤسسي.

طرحت جلسات المنتدى أربعة مداخل أساسية عكست عمق التحوّلات التي تشهدها المعرفة في زمن الذكاء الاصطناعي. فقد ركّز المدخل الأول على رهانات إنتاج المعرفة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، من حيث علاقتها بالبنى المؤسسية وشروط العمل الأكاديمي، ومسألة شرعية المعرفة والعدالة المعرفية، وموقع الباحث واستقلاليته أمام أدوات الذكاء الاصطناعي. كما أثار هذا المدخل سؤالًا محوريًا حول الوجهين المعرفي والأيديولوجي للتكنولوجيا، وهما وجهان يعيدان إنتاج الانقسام ذاته كلما ظهرت تقنية جديدة، غير أنّ حدّتهما تبدو أشدّ وضوحًا في العالم العربي الذي لا يزال في موقع المستهلك للمعرفة أكثر منه منتجًا لها، ما يجعل أثر التكنولوجيا الأيديولوجي أكثر بروزًا مقارنةً بقدرتها على تعزيز المعرفة ذاتها.

وانتقل النقاش في المدخل الثاني إلى البعد الفلسفي والأنطولوجي، عبر مقاربة تأثير التقنية على معنى الزمن والوجود والإنسان، والسؤال عن موقع العقل البشري في عالم يتّسع فيه حضور «ما بعد الإنسان»، وتصبح فيه التجربة الحية مهددة بأن تحلّ مكانها الذاكرة الرقمية. وفي هذا السياق، برزت أسئلة عميقة حول العلاقة بين الإنسان والآلة، وحول الحدود المتغيّرة للمسؤولية الأخلاقية في المعرفة، ولاسيما في ظلّ انزياح متزايد نحو الاعتماد على النصوص المولّدة آليًا بما تحمله من تحدّيات مفهومية ومنهجية.

أما المدخل الثالث، فقد تناول قضايا الجندر بوصفها مرآة كاشفة للانحيازيات البنيوية في أنظمة الذكاء الاصطناعي. إذ ناقشت الجلسات فرضيات إعادة إنتاج الهيمنة الذكورية داخل السرديات الرقمية، مقابل الفرص التي قد يتيحها الذكاء الاصطناعي التوليدي لإبراز سرديات النساء وإعادة التوازن إلى المشهد المعرفي. وقد أكدت المداخلات أهمية بلورة سياسات عربية جديدة تعزّز حضور النساء في إنتاج المعرفة الرقمية وتحمي تمثيلاتهن من التشويه الخوارزمي الذي يتسرّب إلى كثير من التطبيقات.

وفي المدخل الرابع، انتقل النقاش إلى المجال التطبيقي، واستعرض الباحثون تأثيرات الذكاء الاصطناعي على بعض الحقول التخصصية، من القانون إلى الإحصاء والتعليم الديني. وقد بيّنت هذه المداخل كيف تؤدي التحولات التقنية إلى إعادة تشكيل أدوات المعرفة وطرائق تقييمها وتحكيمها وأساليب تعليمها، الأمر الذي يفرض على المؤسسات الأكاديمية مراجعة أدوارها ووظائفها في ضوء قواعد البيانات المتدفقة والنصوص التوليدية التي تعيد تعريف العملية المعرفية برمتها.

اختُتمت جلسات المنتدى في اليوم الثاني بجملة من التوصيات التي انطلقت من توصية مركزية أساسية تمثّلت في الدعوة إلى مواصلة التشبيك المؤسسي لرصد رهانات الإنتاج المعرفي في زمن الذكاء الاصطناعي، وتوسيع مقاربة هذا الموضوع من زوايا أكثر عمقًا، سواء في ما يتعلّق بقضايا التنشئة الاجتماعية والتربوية أو في ما يخصّ التجسير بين العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم الطبيعية في دراسة التحول الرقمي.

وفي سياق التوصيات الخاصة، شدّد المشاركون على جملة من الأولويات البحثية والأكاديمية التي تُعدّ ضرورية لتعزيز حضور المعرفة العربية في زمن التحول الرقمي، وجاء أبرزها على الشكل الآتي:

– الرصد والتداول المنتظم حول الدراسات التي تنتجها الجامعات والمراكز البحثية بشأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وتحليل انتشارها وتلقّيها في المجتمعات العربية، بما يتيح بناء قاعدة معرفية مشتركة حول هذا الحقل المتنامي.

– مواصلة التشبيك بين الجامعات والمؤسسات العلمية والمراكز البحثية عبر إطلاق فضاء سنوي مخصّص للذكاء الاصطناعي، يتولّى رصد التحولات الرقمية في سياقها المعرفي العربي، وتنسيق الجهود بين الفاعلين الأكاديميين.

– بناء تحالفات بحثية وشراكات موسّعة بين الجامعات والباحثين والفاعلين المجتمعيين لإنتاج دراسات نقدية حول الذكاء الاصطناعي ورهاناته المتصاعدة في المعرفة والمجتمع.

– إدماج الذكاء الاصطناعي كمادة تعليمية إلزامية في المناهج الجامعية، مع توفير تدريب عملي ومنهجي على الاستخدام الأخلاقي والتقني السليم في البحث العلمي، بما يضمن حماية شرعية المعرفة الأكاديمية.

– إدراج مبادئ الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية في المناهج المدرسية والتربوية، لإعداد جيل قادر على التعامل الواعي والمسؤول مع التحولات التقنية المتسارعة.

– مواكبة شبكة دراسة المرأة لقضايا الذكاء الاصطناعي، من خلال رصد التحيّزات الخوارزمية في تمثيل النساء، وتعزيز حضورهن في إنتاج المعرفة الرقمية، وتطوير شراكات بحثية وتدريبية عربية ودولية.

– إطلاق برامج تدريبية متخصصة للنساء في مجالات التكنولوجيا والبيانات والذكاء الاصطناعي، للمساهمة في ردم فجوة التمثيل الرقمي وتمكين المرأة في حقول التكنولوجيا والبحث العلمي.

– تمكين الباحثين والطلاب من أدوات نقدية ومنهجية تضمن استخدامًا متزنًا وواعياً لأدوات الذكاء الاصطناعي، بما يحافظ على الأصالة الفكرية والنزاهة العلمية.

– سنّ سياسات أكاديمية واضحة تنظّم حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في الجامعات والمراكز البحثية، وتضمن حماية الملكية الفكرية وشفافية مصادر البيانات.

– تطوير برامج تدريبية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي ونزاهة البيانات، وتأهيل الباحثين والباحثات للقدرة على تدقيق النصوص المنتجة آليًا والحفاظ على استقلالية التفكير العلمي.

وأخيرًا، التأكيد على مركزية العقل الإنساني باعتباره جوهر العملية المعرفية والقادر على النقد والتمييز وصياغة المعنى، وضرورة الحفاظ على هذا الدور لضمان توازن بين الخبرة الإنسانية والمعرفة الرقمية الصاعدة.

لتحميل التقرير الختامي الضغط على الرابط أدناه

admin
http://moe.keyinhands.com