المؤتمر العلمي الدولي ” التربية على المواطنة في المناهج التربوية في البلدان العربية”

المؤتمر العلمي الدولي ” التربية على المواطنة في المناهج التربوية في البلدان العربية”

من أجل تطوير إطار وطني للتربية على المواطنة ينطلق من المقاربة التشاركية الفعالة نظمت الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية (إيناس) بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور- مكتب الجزائر- والمعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بالكاف، جامعة جندوبة (تونس) المؤتمر العلمي الدولي ” التربية على المواطنة في المناهج التربوية في البلدان العربية”، بفندق ريجنسي – تونس يومي 18-19 أبريل 2024.

أتى تنظيم هذا المؤتمر استمرارا وإثراء للتداول، الذي بدأته المؤسسات المنظّمة في مؤتمر الجزائر (01 ديسمبر 2022)، بين الباحثين والفاعلين التربويين والمؤسسات العربية الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني.

استهدف المؤتمر مدارسة موضوع التربية على المواطنة ودلالاتها وأبعادها في المنظومات التربوية العربية، باختلاف نماذجها وتجاربها، من خلال مداخل مختلفة أهمها مضامين المناهج والكتب المدرسية، والنصوص القانونية التي تحكمها، وممارسات القسم عند الفاعلين التربويين من مدرّسين ومكوّنين بيداغوجيين ناهيك عن البعد الرقمي أو ما أطلق عليه الباحثون المشاركون المواطنة الرقمية أو التربية الرقمية.
شارك في المؤتمر 18 متحدّثا ومناقشا، من باحثين وباحثات، في تخصصات مختلفة في المجال التربوي والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وفاعلين تربويين أتوا من تونس والجزائر ولبنان والمغرب وليبيا ومصر وسويسرا.

وناقشت، جلسات المؤتمر المحاور الرئيسية التالية:

تناولت الجلسة الأولى “قضايا المواطنة ورهانات التنشئة الاجتماعية”، حيث توقف كل من د. عدنان الأمين من لبنان ود.أحمد موسوى بدوي من مصر عند مسألة المفاهيم، وعلاقة التربية على المواطنة بالرهانات الاجتماعية والسياسية على المستوى المحلي. وقدم د. منذر الطمني من تونس نماذج للتنشئة المواطنية خارج أسوار المدرسة من خلال نوادي التربية على المواطنة.
استهدفت الجلسة الثانية محور “المواطنة والممارسات البيداغوجية في النظم التربوية بالبلدان العربية”، حيث قدمت د. سميرة الولهازي مداخلة حول معوقات تعليم المواطنة في النظام التربوي التونسي، وركّز د. نديم منصوري على كفاية المواطنة والتربية الرقمية بوصفهما مرتكزات أساسية في المنهاج اللبناني الجديد قيد المناقشة، وتناول د.جيلالي المستاري من الجزائر التعليم الديني وثنائية إيديولوجيا الدولة وإيديولوجيا الفاعلين التربويين، وكيف يتمّ تحوير محتوى التربية على المواطنة في منهاج نحو تبرير خطاب ديني هوياّتي محلّي.

وتوقفت الجلسة الثالثة عند ” التربية على المواطنة أمام قضايا الهوية والتغيرات العالمية والبيئية “، حيث تناول د.عل المهنكر من ليبيا أهمية التركيز على بعد الانتماء الوطني في ظلّ تغيّرات دولية متسارعة تهدّد في نظره وحدة الدول والهويّات الوطنية ،وتوقّف د.نضال سليم من سويسرا عند ضرورة إدماج التربية على المواطنة البيئية في المناهج التربوية والبرامج التنموية العربية، وتحدّثت د.فاطمة الزهراء بولفضاوي من الجزائر عن تمثّل فضاء الوطن وعلاقته بالمواطنة في كتب الجغرافيا في المراحل التعليمية المختلفة، ليناقش د. مصطفى مجاهدي من الجزائر تمثلات المواطنة في الخطاب الأكاديمي الجزائري من خلال تحليل مدونة من مقالات منشورة في قاعدة المجلات الجزائرية.

وفي الجلسة الرابعة، كانت العودة إلى “الأطر القانونية والتحدّيات الرقمية للتربية على المواطنة”، حيث ركزت مداخلات كل من د.جوهر الجموسي من تونس ود. منيرة بودردابن ود. مبروك بوطقوقة عند الرهانات التقنية والاجتماعية والسياسية والتربوية والأخلاقية لثورة الرقمنة والعالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي. وعادت مداخلات كل من د. جواد الرباع من المغرب ود.صلاح الدين صالح إلى رهانات المستوى القانوني والحقوقي والسياسي للتربية على المواطنة في ظلّ المتطلّبات الجديدة للمجتمعات العربية.
الجلسة الختامية ابتدأت مع د. ولهازي التي أكدت على أهمية الانتقال من المستوى المعرفي الى مستوى التطبيق والممارسة الفعلية للفعل المواطني، بينما توقف أ. ماتياس شافير بإثراء مداخلات ومناقشات المؤتمر ، مؤكدا على أهمية الفصل في المفاهيم.خاصة ما تعلق منها بعلاقة المواطنة بخطاب ” القيم” في المنظومات التربوية ، وانتهى الى تحليل النموذج التربوي الالماني في التربية على المواطنة و أهمية مقارنته مع المنظومات التربوية العربية بحكم المشترك في كثير من القضايا كالمسألة الرقمية والرهانات الجبلية. واختتمت د. ماريز يونس اعمال المؤتمر بالتأكيد على استكمال المسار والانطلاق بالخطوات الاولى من خلال تشكيل لجنة متخصصة لمتابعة مخرجات المؤتمر وتوصياته ومقترحاته، خصوصا مشاركة المعنيين من الفاعلين التربويين وصناع القرار بمخرجاته. متوجهة بالشكر لكل الباحثين والباحثات والشركاء لمساهمتهم الفاعلة في إنجاح أعمال المؤتمر وإثراء نقاشاته.
لم تقف أوراق المؤتمر عند تشخيص الواقع التربوي العربي، بل قدّمت بعض النماذج والمداخل البيداغوجية لدعم ترسيخ المواطنة تربويا، باعتبارها ممارسة قابلة للتطبيق، في المنظومات التربوية العربية من داخل المدرسة أو من خارجها من خلال فعالية المجتمع المدني. ومن أمثلة تلك المداخل المهارات التكنولوجية والتحكم في الفضاء الرقمي، إضافة إلى موضوعات حقوق الإنسان وحقوق الطفل بالخصوص والبيئة والتغيرات المناخية، ناهيك عن بعض الثيمات التي لازالت موضوع سجال عند النخب التربوية العربية مثل ثيمتي النوع الاجتماعي والتنوّع الديني.

انتهت مناقشات المؤتمر إلى جملة من المقترحات:

  • أهميّة التحديد الابستمولوجي والإجرائي لدلالات المواطنة في السياق التربوي بما يرسّخ مبادئ العيش المشترك في كنف احترام القانون والإنصاف والعدالة.
  • بناء سياق تربوي لصناعة المناهج وتطبيقها، يقوم على مقاربات ثلاث: المقاربة الشمولية، المقاربة المعرفية والمقاربة التشاركية.
  • اعتماد التربية المواطنية كإطار للتعليم وإدارة المدرسة وإدارة الصف، وتنظيم أنشطة الطلبة داخل المدرسة وخارجها (المناخ المدرسي).
  • مشاركة الفاعلين المعنيين بالمناهج التعليمية في تطويرها وتطبيقها ابتداء من وضع خطة المناهج وصولا لتعليم الطلبة في الصف وتقييم أدائهم في الامتحانات. على أن تتم على أساس السياسات (policy) أي البرامج وليس على أساس السياسة (politics) من جهة، وعلى أساس التفاعل مع المجتمع المدني (civil society) والجماعة العلمية (scientific community) من جهة أخرى.
  • تحديد الفاعلين المعنيين بالمشاركة في تطوير المناهج التربوية بدءا من الجماعة العلمية والجمعيات العلمية والأكاديميين المستقلين الذين لديهم مساهمات معرفية في القضايا المطروحة، وصولا إلى فاعلي المجتمع المدني وروابط المعلمين والطلاب، والهيئات المهنية.
  • مراكمة المعطيات الميدانية حول المنظومات التربوية العربية وتطوّرها.
  • اعتماد سبيل المرافقة وتدريب الفاعلين التربويين وتجديد معطياتهم حول ممارسات التربية على المواطنة.
  • تطوير المعرفة بالتجارب العالمية في صناعة المناهج، وبسبل التغيير الجذري والتعديلات التحديثية ومقارنة المنظومات التربوية العربية بنظيراتها في أوروبا وألمانيا بالخصوص بحكم الرهانات والاهتمامات المشتركة .
  • تطوير المعرفة المتعلقة بالتعلم (cognitive approaches)، ونظريات المعرفة (Piaget
    Vygotsky) ، والنظرية البنائية، إضافة الى تطوير المعرفة المتعلقة بكل مادة تعليمية على حدة.
  •  فتح باب المشاركة في القرارات التي تتخذ في المدرسة للمعلمين والطلبة والأهل (كل في الحقل المناسب له) وإنشاء لجان ومجالس منتخبة للطلبة والمعلمين والأهل.
  • تطوير إطار وطني للتربية على المواطنة يقدم لجميع المعنيين بالتربية المواطنية المبادئ والقواعد الرئيسية، على أن يقرأ جميع العاملين في تطوير المناهج من التربويين وهيئات المجتمع المدني والجماعة العلمية، والمنظمات الدولية المساهمة والمعنية، في الكتاب نفسه.
  • مشاركة هذه المقترحات ومخرجات مؤتمرنا مع جميع المعنيين من صنّاع القرار السياسي والتربوي في المنظومات التربوية العربية، والتربويين وهيئات المجتمع المدني والجماعة العلمية، والمنظمات الدولية والمؤسسات الإعلامية.


خرج المشاركون في المؤتمر بتوصية رئيسية تنفيذية مفادها تشكيل لجنة من خبراء الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية توكل إليها مهمة صياغة ورقة طريق قابلة التطبيق توجّه لصنّاع القرار التربوي في العالم العربي، بداية بالألكسو، منطلقة من أهمية المقاربة التشاركية الفعّالة .

admin
http://moe.keyinhands.com

Comments are closed for this post.